مرحبا بكم فى مدونة احداث وتعليقات


اجمل ايام حياتى




بالفعل هى اجمل ايام حياتى التى عايشتها والتى بدات منذ إعتقالى يوم الجمعه 2/1/2009 على اثر مظاهرة فى ميدان رمسيس لنصرة غزة والمقاومة الإسلامية.
فانا اعيش منذ تلك اللحظة وهى لحظة إعتقالى اكثر الساعات بل اكثر اوقات حياتى قربا إلى الله بعيداً عن كل الملهيات التى تسرفنى وتبعدنى عن طاعة الله او التقصير فيها .
فهل يوجد اجمل من ان تحافظ على قيام الليل بصفة يومية وتحافظ على صلاة الفجر فى جماعه بل اكثر من ذلك وهى المحافظة على تكبيرة الإحرام والإكثار من الذكر والتسبيح إنها حقا اجمل ايام حياتى.
وكنت دائما اتوجه الى الله بالدعاء ان يرزقنى الثبات والصبر والحمد لله الذى وهبنى ذلك فقد كنت لا ابالى بإعتقالى ولا اشغل بالى بعملى وما سوف يحدث لى فقد كنت موقن تماما ان الله سوف يدبر لى الخير حيث كان فقد كان لا يشغلنى سوا شئ واحد فقط وهو ان يرزق ربى اهلى الثبات والصبر والطمائنينه وخاصاً والدتى لذلك فقد كنت اكثر من الدعاء لها بالثبات والصبر وقوة الإيمان وكنت ابعث اليها برسائل من نوع خاص فليست رسائل من النوع المتعارف عليه سواء الجوابات او عن طريق شخص وسيط ولكن كانت كانت رسالة اتوجه بها الى الله تعالى واساله ان تصل هذه الرسالة الى قلب امى وان يقذف فى قلبها الطمائنينة .
ولعل من اهم المعينات على ان تكون هذه الايام هى اجمل ايام حياتى الصحبة الصالحة التى كانت معى تعارفنا على بعضنا البعض وتألفت قلوبنا حتى سرت ارى وجوه اخوانى وكأنى اعرفهم قبل ذلك وكاننا كنا نعرف بعضنا البعض منذ زمن بعيد على الرغم من اننا لم نكن نعرف بعض من قبل اللهم إلا القليل منهم وصدق فينا قول الله عز وجل "
وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ "
وكان اهم شئ افكر فيه هو ان استغل هذه المنحة الربانية افضل استغلال وان استفيد من كل دقيقة طوال هذه الفترة سواء فى زيادة الورد القرآنى اليومى او الذكر والتسابيح او حفظ القران والحمد لله الذى من على بهذا الخير وايضا من الثمرات الرائعة كانت فى التعارف والتعايش بين الأخوة وإعانة بعضنا البعض على طاعة الله فقد كان كل واحد له خبرات فى مجال معين لا يبخل على إخوانه بإفادتهم من هذه الخبرات فاستمعنا الى محاضرات من الأطباء فى الإسعافات الأولية والدواء وايضا خبرات عن البورصة وكيفية عمل البورصة من المتخصصين ومحاضرات عن الإقتصاد الإسلامى واللغة العربية والبلاغة والإعجاز البلاغى فى القران الكريم والكثير والكثير من الخبرات وايضا سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ايضا للسمر والضحك مكان فنستمع الى الاناشيد من الاصوات الرائعة وكنا نقوم بعمل المسابقات واللعاب والإسكتشات فقد كانت روح الفكاهة والضحك تملئ المكان بهجة وسرور .
ولكن كان شغلنا الشاغل هو ما اتينا من اجله غزة والحرب على غزة فقد كنا نتابع اخبارهم بكل شغب ونتلهف الى اخبارهم والدعاء لهم فى كل صلاة بان ينصرهم الله وان يتقبل عذرنا فيهم فقد كنا عندما نخرج فى الزيارات اول ما نسال عنه هو ما هى اخبار الحرب على غزة وعندما نعود من الزيارة نعلن الاخبار امام الجميع فينهمر الجميع فى البكاء عندما نسمع عدد الشهداء وتتعالى صيحات التكبير والتحميد عندما نسمع اخبار عن تفجير دبابة يهوديه او قتل الجنود اليهود وكنا لا نكف عن الدعاء لهم فى كل اون قبل الدعاء لانفسنا لاننا ما جئنا الى هذا المكان الى نصرة لهم .
ولعل اول يوم فى زيارة الاهل كان له شوق خاص لا لشئ الا لاننى سوف انهى على ما يشغل بالى وهو ان ابلغ اهلى باننى اعيش حياة رائعة كى يهدا قلب امى ولا تحزن لذلك فقد كنت حريص على ان انقل لهم الصورة كما هى وبكل تفصيلها لكى تطمئن قلوبهم ولكن مهما قلت فلن اتمكن من وصف الصورة بمنتهى الدقة وكيف ان الله لم يحرمنا من شئ فقد كانت انواع الطعام جميعها عندنا وهذا مجهود طيب يشكر للإخوة فى الخارج فقد كانوا يقومون بتلبية كافة احتياجاتنا من ماكل وملبس وطعام وشراب فجزاهم الله عنا خيرا وجعل هذا فى ميزان حسناتهم.
اما عن اجمل يوم واكثر الايام فرحا بالنسبة لى فقد كان يوم ان تحقق النصر وانتصرت حماس والمقاومة الإسلامية وانهزم اليهود فقد كانت فرحتنا كبيرة جدا ولا توصف فى هذا الله تعالت صيحات التكبير والاناشيد والهتافات لحماس والمقاومة الإسلامية فقد كان هذا النصر هو الجائزة الكبرى التى اهداها الله لنا واثلج صدورنا بنصرة الإسلام والمسلمين فما جئنا الى هذا المعتقل الى دفاعاً عن هذه القضية لذا فقد كانت السعادة كبيرة جدا جدا شعرنا بها قبل ان يشعر بها إخواننا فى غزة قد اكون مبالغاً فى هذا الوصف ولكنه كان حقيقة مشاعرنا شعرنا بعزة الإسلام عندما كان الإخوة فى حماس يخاطبون الجميع سواء كان الأعداء قبل الأصدقاء بمنتهى العزة وكان المنبع الوحيد لهذه العزة هى الإسلام ونصرته.
واقمنا احتفالية كبيرة ابتهاجاً بهذا النصر استمعنا فيها الى الاناشيد والشعر من الشعراء التى كانت معنا وفرحنا بهذا النصر وكان لى مع هذا النصر وهذا الإحتفال قصة وهى اننى قبل هذا النصر بأيام رايت رؤية وهى اننى فى ساحة كبيرة وبجوارى بعض إخوانى وكانت الخيول كثيرة فى المكان وكنا نحتفل بنصر . وسبحان الله بعدها بايام جاء خبر نصرة حماس واحتفلنا بهذا النصر فحمدت الله كثيرا.
اما وصف الحال داخل المعتقل فقد كنا منقسمين الى ثلاث عنابر عنبر يحتوى على 65 واخر على 66 (وهو ما كنت بداخله) وثالث على 37 وراى احد الإخوة الكبار معنا وبصفته المسئول عن المجموعه ان يتم الطلب من إدارة السجن بان يتم فتح عنبر رابع ونقلل العدد من العنابر الكبيرة وقبل ان اخوض فى شعور الاخوة تجاه هذا القرار ومفارقة بعضنا البعض على الرغم من اننا نلتقى جميعا منذ صباح اليوم وحتى الثالثة عصرا قبل ان اخوض فى ذلك الشعور سوف اصف حجم العنبر وشكله وطبيعة الحياة بداخله:
العنبر مساحته 120متر يحتوى على 33 سرير بدورين (ى لكل واحد منا سريره الخاص) كنا نصلى فى مساحة فى بداية العنبر وفى الطرقة بين الأسرة وهذه الطرقة لا تسع لاكثر من شخصين لذا فقد كان يلجا البعض الى الصلاة فوق الاسرة وفى اخر العنبر يوجد اربع حمامات ( ل 66شخص) ومكان مخصص للطبخ وعمل الشاى وحوض به حنفيتان مياه للوضوء ، اما عن الاكل والطعام فقد كان الخير كثير والحمد لله وكان هذا من فضل الله علينا ومجهود الاخوة فى الخارج وايضا الأطعمه التى يحضرها الأهل فى الزيارة .
وكنا مقسمين انفسنا إلى مجموعات كل مجموعه تحتوى على 6 افراد (اى 11مجموعه) وكل مجموعه مخصص لها يوم لخدمة باقى افراد العنبر وقد كانت طبيعة الخدمة تتمثل فى تجهيز الطعام فقد كنا نجمع الطعام الذى ياتينا من الزيارات فى مكان واحد وتقوم مجموعه الخدمة فى إعادة توزيع الأكل على 11 مجموعه بالتساوى وايضا تجهيز السحور قبل الفجر وطبخ الخضروات الطاذجة وعمل السلطة بالإضافة الى إعداد الشاى والمشروبات وتوزيع اطباق الحلويات بالإضافة إلى غسيل الأوانى المستخدمة فى كل ذلك فتخيلوا معى ان يقوم 6 اشخاص فى خدمة 60 اى ان كل شخص سوف يخدم 10 اشخاص وطبعا كان يوجد من يساعد مجموعه الخدمة ومع كل المجهود المبذول فى هذا اليوم الا انه كان يوم جميل على مجموعه الخدمة لانه تتجسد فيه معانى الإخوة والتواضع فانك تجد هذا الاخ الكبير يقدم الأكل والمشرب لاخيه الصغير وهذا طبيب يقوم على خدمتك وانت تجلس فى سريرك وهذا الاخ المهندس يقوم بغسيل الاوانى والاطباق بمنتهى الحب والسعادة والتفانى فى خدمة إخوانة.
والآن بعد أن تتطاوفنا بشكل سريع فى الجو الذى نعيش فيه نعود الى القرار الذى تحدثنا عنه وهو ان يغادر مجموعه من العنبر للتواجد فى عنبر رابع وكان من الممكن ان يقوم الاخ المسئول صاحب الفكرة بتنفيذها مباشرة دون ان يطرح الموضوع للنقاش ولكن لكى نتعلم درساً فى الشورى والقيادة والمسئولية فطرح علينا الفكرة وبعد طرحها مبيننا كل جوانب الفكرة والتى من الناحية العملية والعقلية فكرة ممتازة جدا فمعها سوف يتسع المكان افضل ويخف المجهود ويركز كل منا فى ورده وطاعته ولكنى نظرت الى وجوه إخوانى فور طرح الفكرة بإذا بالوجوه قد تغيرت وظهر عليها الشحب والدهشة اخذ الجميع يفكر فى كيف انه سيترك اخوانه الذين تعايش معهم حتى ولو كان هذا الإنفصال هو لمدة نصف اليوم فقط وبدات الدموع تنهمر من الجميع وتحدث كل منا عن راية فى الفكرة فقد كان اغلب الكلام هو تأيد الفكرة من الناحية العقلية ولكن من الناحية القلبية والعاطفية فرضها تماما وكانت دائما الدموع هى المصاحبة لكلام كل منا والبعض الآخر لم يستطيع الكلام من كثرة البكاء على فراق الاحبة وتم رفض الفكرة من الجميع وتحمل الجميع ضيق المكان والجهد ورائحة الأطعمه المخزنه ، وبالفعل نزل الشيخ الكبير عن فكرته واستجاب لمطلب الجميع وهو عدم مفارقة بعضنا البعض وقتها عرفت معنى كلمة تعايش وحب وإخاء .
وها قد انتهت تلك الفترة وهى سجن مهما كانت حلاوة وجمال تلك الفترة شعرت فيها بطعم حلاوة الطاعة والمحافظة عليها والبعد عن معصية الخالق الحمد لله الذى رزقنى هذه المنحة والتى اكرمنى فيها بالمحافظة على طاعته والمحافظة على قيام الليل وصلاة الفجر وقراءة القرآن وحفظه وذكر الله الذى اسأله ان يتقبل منى هذه الفترة وان يجعلها فى ميزان حسناتى ويوفقنى فى المحافظة على ذلك طيلة حياتى وان يرزقنى الإخلاص فى القول والعمل .


الم اقل لكم انها اجمل ايام حياتى